السبت، 2 فبراير 2019

قِطارُ الحُبِ

إهداءُ إلي الأرواح المنهَكة كأنها تركُض منذُ يومَ الولادَة.. وتعذر عليها الوصُولُ ..
إهداءُ إلي كل من أحببناهم بصدقٍ .. شاءت المسافات أم أبيت فهم في غوائِل القلبِ مستوطنينَ !
إهداءُ إلي مَن أحبطوني فجعلوني أُقدِرُ ذاتي أكثر فأكثر..
إهداءُ إلي حُلمِي الصغير - ربما لسْتُ أعلمه جيدًا ولكنه لن يَضِلُ طريقي ثانيةً - تركتني أسير وحدي.. وأشتد علّي المسير.. تنازَل يا حُلمي و أستَعِد للقائِي قريبًا.. فأنا علي أتم الاستعداد ❤

ظننتُ كثيرًا أن كُل أحلامي لا تتحقق.. تغادرُني وترحل،  حتي تلك اللاتي أحببتها كثيرًا  وزاد تعلُقي بها.. ولكن كل هذة الظنون خابت يوم التقيتُه.. كانت ابتسامته الساحرة قادرةً علي إزالة كل شيء حتي تلك الظنون الدخيلة في نفسي ..
ولكن....  !
أيقنتُ آسفة أن لكل شيء آخر..  حتي لما وقَر بالفؤاد واختبئ..
                    "للحُــــــــبِ آخـــــــــــر.. "
جئت اليوم بمثابة الراوي، وأيضًا صاحِبُ الحكاية..
"الأحد 18 فبراير 2001 " يومُ ليس له مثيل.. عصافير الحب تَحوم حول البيت وتملؤه أصوات رنانة مُبهِجة ، حتي الورود أشعر وكأنها في قمة تفتُحِها .. ، تحركت قليلًا من نومي عندما تخلل ضوء الشمس في غُرفَتي معلنًا قدوم الصبح ، لست أدري هل هو الذي أوقظني ،أم أنني لَم أنمْ تلك الليلة .. لقد غَلبتْني لهفتي وأنا التي كُنت أظن أني لا أُبالي !
ذهبت لأرتدي فُستاني الجميل -كان لونه أزرق يشبه لون السماء- هل هو الذي يُزينُني أم أنا التي أفعل؟  صففتُ شعري وذهبت لأودع جدتي - هي التي تولت أموري منذ سفر والداي إلي الخارج - وأخبرتُها أني ذاهبة لمحطة القطار لكي أقابله.. وسوف آتي به إليها لكي تراه..
غادرت المنزل وتوجهتُ إلي المحطة وبداخلي تخبُط شعوري تعجَزُ عن وصفِه الكلماتُ .. شعور جعلني أُيقِن أن المسافات لا تزيدُ الحُبِ"الصادِقُ "إلا حُبًا.. شعور جعلني أُيقِن أني مازلت علي قيدِ الحلم.. علي قيد الحُب! 
لقد سافر منذ ثلاثة أعوام تاركًا البلدة لدواعي سفره.. ولكنني توسلتُ إليه لكي آراه ولو للحظة .. لحظة واحدة ويقِفُ الزمانُ عِندها! والله ليتَهُ يعلَمُ قدرُه في قلبي.. فهو الأول والأخير ❤ لا سبيل له للخروج من قلبي..  فهنا راحَتُكَ يا رفيق الدَربِ ❤!
سرحتُ قليلًا في أفكاري تلكَ ولكن ردني إلي وعيي وصولِي إلي المحطة، دخلْتُ متخطيةً كل الحُضُور وصولًا إلي رَصيف القطارِ ..
كان قلبي يدق سريعًا وكأنه خائفًا مرتعِدًا.. ما عُدتُ أفهِمُه.. ما لك خائف؟  أليس هذا موعِد لقاء حبيبِك الذي طالما حَلِمت به؟  ما عُدتُ أفهم قلبي..  ما عُدتُ أفهمُ نفسي! 
أظنه خائفًا من كثرة تلْقِي الصدمات .. من توالي الخيبات، قلبي يُناجي خالِقُه أن يُتمَها عليه بالفرح اليوم..
سرحتُ ثانيةً وردني إلي وعيي وصول القطار نفسَهُ .. أخيرًا دخل قطار حبيبي إلي محطة قلبي الرئيسية ❤ ..
ها هو لَقد شاهدته..  كان علي شكله الذي اعتدتُه، كان كما اتخيلُه كل لحظة، جميلًا مبتسمًا كعادته ..
أبيضُ الوجه ، مُرتَبُ الملابِس..  نعم لقد رآني ولوّح لي بيديه الحانيتين متمسكًا ببعض الورود ..
وفجأة .. اصطدم قطار القادم مع القطار الراحل في نقطة تبادل القضيب..
وقفت مكاني غير متفهِمةُ ما حدث، النساء يضربن علي صدورِهن ويصيحن بأعلي الأصوات.. كُلُ من في المحطة في دهشة.. حتي أنا لا أستطيع البُكاء، كأن عقلي وجسدي توقفوا للحظة.. هل هذا قطار المُحمَلُ ب "حـبـيـبـي" ؟ أم أنني أحلم بكابوسٍ  مرير.. للحظة استوعِبتُ ما حدَثَ،  أنني خَسِرتُ كلَ شيئ ، انفجرت فالبكاء والعويل.. أُخرِج كل ما بي من طاقة فيه.. لقد مات من انتظرتُه طويلًا.. فقدتُ الوعي لمدة كبيرة تُقارِبُ الساعتين.. وعندما رُددتُ إلي وعيي كُنتُ قد نُقِلتُ للمستشفي بواسطة أحدهم وقد اتصل بجدتي لكي تأتي..
أول ما نطقت به " أين هو؟  أين هو ؟ أمات ؟"
هدأتني جدتي كثيرًا وترجَتنِي لكي أهدأ.. وظلت تُعيد في كلمات عديدة مثل "هذا نصيب " "عمر ونفد" وهكذا..  وكل تلك الكلمات ما زادتني إلا بكاءًا وآملًا في آخر لقاء..
"أُريدُ رؤياه يا جدتي، أرجوكي "
لا أُنكِر دور جدتي ومحاولاتها لكي تجعلني آراه قبل أن يُنقَل إلي مثواه الآخيرِ ..
نعم رأيتُه، للأسف رأيتُه وهو مفارقًا.. كان كما لمحته قبل تلك الحادثة.. ملابِسه الأنيقة قد تَلطخت بالدِماء .. لونه الأبيض لم يَعد أبيضًا!  فالدماء غيرَت كُل شيء..
باقة الزهور مازالت متشبثة بملابِسه، كانت جميلة كشاريها ولكن الدماء لم تترُكها علي حَالِها..
كانت هُناكَ ورقة مُرفقة بداخل الورود مكتوبُ عَليها.. "أنتِ بمثابة عالَمي، أعلَمي أني مرزوقُ بِحُبِك، مبتلَي بفقر اللِقاء.. أعلَمي أني أُحِبُكِ " ..
قرأتُها وانفجرت دموعي كالسيل المنهَمِر.. لا نهاية لها، ولا أدري ما العَمل إذًا ؟؟ هل هذا اللقاء الذي طالما حَلُمتُ به؟  ..
جلست بجانبه لا أفعل شيئًا غير البكاء حتي أن يُحدِثُ الله بَعد ذَلِك أمرًا..
"ربما يكون للحُب آخر في قصتي هذة..  ولكن في حياتي..  لا نـهـايـة للحُــبِ "
-فالحُب مثل الموتِ وعدُ لا يُردُ ولا يزولُ"محمود درويش- ❤
#النهاية





             
                      

مقبرة الأحلام..

 عزيزي.. أنتَ الذي لا أعرف لك اسمًا ولا أعلم لك صفةً أُناديك بها، لذّا فأنت عزيزي فحسْب. صاحب العمرِ المقبل، ورفيق الدرب الطويل. عساك بخيرٍ ...