الخميس، 14 نوفمبر 2019

لم أعُد أخشي وجهَكَ اللَعين بعدما أسميتُكَ 'رفيقي' ..

منذ نعومة أظافِري وأنا أخشي السير وحدِي وخاصة ليلاً، لأنني كنتُ أشعر أنه لا دخل لي بالسهر ليلاً والخروج من المنزل بعد السابعة مساءً.. 
ولكن الحال تبدَل مع مرورِ السنوات.. فهل تري حالاً لم يتبدلا ؟  
أصبحتُ أخرُج وأركُض وحدي ليلاً.. وكأن الخوف لم يعُد له مكان! ولا مكان لشيٍء سوي الحرية والإنطلاق الظاهريين.. 
وفي ذلك اليوم الموافقِ الواحد والثلاثين من شهر أكتوبر الماضي.. فعلتُ ما كنت أخشاه قديمًا.. ركضت بعيدًا بعيدًا عن بيتي وعن روحي أيضًا.. وخرجتُ منهُما بدون وِجهة مُحدَدة، خرجتُ هائِمة ولست كسابِق عهدِي، وظللتُ أجري مسرِعة أخشي أن يُلحِق الظلام بي .. وكأن طفولتي تُحاصِرُني وها أنا ذات العشرين عامًا!  لا بأس.. ظللتُ أجري وأعبر بِلادًا وأنهاراً لا أعلم لها اسمًا.. حتي باغتني ذلك الوحش، وجهه كان كالمألوف لدّي وكأني أعرِفه.. لم أخشي منه لحظةً مما دَفِعَني لاكتشافه.. فقلت له من أنتَ ؟  فقال لي سأُجيبكِ لاحقاً ولكن أخبريني ماذا دَفعَكِ للهروب في ذلك الليل الحالِك؟ قُلتُ له أولاً دعني أُسميك "رفيقي" ..فهكذا أسميت فتي أحلامي في كتاباتي لعلي ألقاه وتُقَرُ عيني به،  وثانياً لقد خرجتُ يا رفيقي هروباً من واقعي.. خرجتُ من ذاتي المتهالكة.. لعلي أجد من يُزيلُ كربي.. أنا مُتعبة يا رفيقي.. ولم أعُد أخشي شيئاً.. حتي أنت بوجهِك هذا.. لم أخف منك، بل أطلقتُ عليك اسمًا عزيزاً علي قلبي وروحي. ذلك الاسمُ الذي بيدِه ابتسامتي، وبيدِه دمعتي.. ولا حاجة لي في توضيح من منهما قد اختاره.. فلو كان اختار ابتسامتي.. لما كُنتُ هنا هاربةً من نفسي ومنهِ! حتي قُصيصاتي يا رفيقي.. لقد ملِلتُها.. لقد أصبحت حِملاً ثقيلًا علّي.. وأنا غير قادرة علي ذلك.. حتي دراستي ووظيفتي.. لم يصبحوا ذوات إهتمامٍ مثلُ سابق .. لقد أصبح كل شيء مملاً، حتي أنا أيُها الوحش.. 
رد قائلاً : يا بُنيتي.. والله إني قد صُدِمتُ من قسوة كلماتِك، ولا أملك لها رداً قاطعاً ولكن حياتُكِ كلها بيده وحده.. من لا تخفي عليه خافية.. فكيفَ تعيشين هكذا؟  مُحاصِرةُ نفسك بظلام دامس.. ليس إلا أوهام سرمدية سوداء، أنتِ بداخِلك الآن.. ولستِ هاربة بعيد.. أنت في ذاتك.. في وجدانك ، كل هذا الضجيج والخوف في ذاتِك .. حتي أنا .. أنا لستُ إلا مخاوِفِك التي صنعتيها أنتِ بنفسِك.. أنتِ من بنيتي تلك العجز واليأس.. فخارج مخاوِفك جبال الأمل قائمة مُشيدة.. وطبول الفرحِ صاخبة مُمهِدة لفجرٍ جديد،  فرفيقك حتمًا سيُلاقيكي.. حتي وإن كان غير الذي تمنيتينه.. فمن يدري من يشعُر بقيمَتِك الحقيقية.. ومن سيستطيع أن يُشعِرُكِ بها.. إنها هبة من الله يا بُنيتي لا يملِكها كل الناس ! 
ووظيفتك ستكون فوق تخيُلاتك لها.. وسترين عوض الله الباهر.. وستعودين لقصصِك الساحرة.. وسيرجعُ كل شيئ كالسابق.. 
ولكت أولاً عليكِ التصالُح مع ذاتِك وليس الهروب منها وجدانيًا.. لأنكِ ذاتيًا في  المكان نفسَه.. أنتِ في بيتِكِ...  فلتخرُجي من الأسرِ إذاً ولا تكوني لينة فتؤذيكِ غلظة الآتي والذاهب ..ولا تكوني قاسيةً فتجرَحي نفسَك وتأسريها .. فلتخرُجي من الأسرِ إذاً.. 
فلتخرُجي من الأسرِ إذاً!  

#رنا_هشام 
#writings
#writers

مقبرة الأحلام..

 عزيزي.. أنتَ الذي لا أعرف لك اسمًا ولا أعلم لك صفةً أُناديك بها، لذّا فأنت عزيزي فحسْب. صاحب العمرِ المقبل، ورفيق الدرب الطويل. عساك بخيرٍ ...