الخميس، 4 يونيو 2020

جوابُ إلى نفسي القديمة. ‏



- إلى تلك الفتاة ذات الخمسة عشر عاماً، ذات الشعر الأسود الناعم، ذات العوينات الملازمة لها منذُ الصغر، اعلمي أنني أُحبك، وأعلم عنكِ ما لا تعلميه أنتِ ذاتك، اعلمُ أنكِ لديكِ تفكير خاص؛ لا يشبه فتيات الجيل الحالي، لا يعنيكي ما يقوله العابرون بشأن انطوائك أو خجلك، اعلم انكِ تمتلكين عقلًا يكتسح الجميع بسهولة.. بلغني علماً انكِ تطمحين أن تكونين طبيبة ماهرة، أو إعلامية مشهورة. اعلم أيضاً انكِ ستسعي بكل جَهدك لتصلي، ولكن ليست الطرق ممهدة كما تظنين يا صغيرة، بات الوصول صعبًا جدًا، باتت الجهود مُهدرةً، ربما يتغيّر طريقك، ربما تتبدل وجهتك، ولكنك لن تضعفين ولن تستسلمين، ستظلين هكذا.. كما أنتِ. لن أُخفي عليكِ سراً، ستكتشفين مهارة عظيمة بالصدفة البحتة، سترين كيف تستطيعين تركيب الكلماتِ لتصبح جملًا يقرأها الكثيرون لتنال إعجابهم، وتتعجبي كيف تفعل تلك الكلمات ما تفعله! كيف تجعل القلوب تميل وتلين! ستتعرضين لضغوطات عدة، عندما يفتح القدر السعيد بابه استعداداً لقدومِك.. سيتخلى عنكِ الأقربون، وسيرون أن ما تكتبيه لا يحمل معنى، وستخسرين أراءً غالية جداً، كانت يوماً كل ما تملكين. ولكنك لن تضعفين ولن تستسلمين، ستظلين هكذا.. كما أنتِ. عندما تتسع دائرة معارفك ستجدين أن الحياة تضيق عليكِ، وأنه لا يوجد شخص واحد يصلح لسماع كل ما يضج به صدرُك كل ليلة، سيظل ما يؤرقك بداخلك، حتى عندما يُحكى.. سيغيب عنه الآلام.. لأن الآلام لا تُحكى يا صغيرتي.
ربما أنا لا أملك العلم الكافي لأُرضي فضولك الجامح، فأنا لا أعرف عن مستقبلك إلا القليلُ، ستصلين إلى مكانة لا بأس بها، وستطمحين لأشياء عدة، وسيزيد طموحِك يومًا بعد يوم. ولكن تذكري.. ليس كل ما يتمناهُ المرء يدركه، نحن لسنا في الجنة!
اعلم أنكِ متعبة الآن، يتحطم قلبُك بين حلم أتٍ وأخر راحل.. لكن تذكري، ليست كل الحياة كذلك، ربما تطيبُ يوماً. 
اعلم أنكِ متعبة الآن، وتلومين نفسك على كل شيء، لا عليكِ يا صغيرتي.. لا تفعلي ذلك مجدداً. 


اكتُب إليكِ وأنا في عامِك العشرون ومازلت أراكِ صغيرة جدًا.. 

أرأيت كيف تغيّرت نظراتُنا سريعًا؟ 

ومازلت رؤيتنا سوياً لم تتضح بعد. 
#رنا_هشام

هناك تعليقان (2):

مقبرة الأحلام..

 عزيزي.. أنتَ الذي لا أعرف لك اسمًا ولا أعلم لك صفةً أُناديك بها، لذّا فأنت عزيزي فحسْب. صاحب العمرِ المقبل، ورفيق الدرب الطويل. عساك بخيرٍ ...