مساء الخير على هذا العالم الذي لا يرحم.
أكتُب بعد فترة انقطاع طويلة، تخللها عدد قليل من مرات الرجوع، يعقبه انقطاع آخر؛ لأن كل شيء ليس على ما يُرام، أشعر وكأني وقتًا كبيرًا من عمري قد سُرِق، أتعلم؟ لا يكون أسوأ من هذا الشعور، وددت لو قدمت كل ما أملك مقابل ألا أقف حزينة على شيءٍ خسرته أو وقت وجهد بذلته ثم وجدت نفسي أجني اللاشيء.
أنا الآن على مشارف نهاية قد بذلت لها جهدًا لا يُقارن بشيء، وتخليت عن كل شيء أحبه في سبيل ألا أندم لحظة على تقصيري. أكتُب الآن لكي أوثق ما أشعر به من مشاعر مضطربة، لا أستطيع أن أفرح بشكل كامل، أو أحزن بكل ما أوتيت من قوة. لا أستطيع سوى أن اترنح بين أملٍ ويأس. ولا أرسى على برٍ منهما. أخاف ألا أصل في النهاية، لأنني لا أستطيع أن أكتب معايير الوصول الذي أرجوه، كل يوم تتجدد أحلامي وأُصبح شخصًا غيري. يومًا أرى النجاح في العمل ويومًا آخر أرى كم جميل أن يصنع الإنسان أسرة يتباهى بها أمام العالم. وبعد كل تلك الخيالات أجلس في غرفتي، تحيطني الوحدة من جميع الجهات، لم أصل إلى مستوى علمي أجد به عملًا أريده، ولا أرى أنني أصلح لكي أكون شخصًا مسئولًا عن أسرة. فيتخللني شعور أنني لم أصل لشيء، وأن جهدي سيظل ضئيلًا أمام العالم. لا يصل بي إلى أي مكان.
أجلس أبكي خوفًا على مشروعي الخاص بالتخرج، وكأنني شعرت لوهلة أن ما فعلته أصبح هباءً منثورًا، ولا يليق بالثناء من الأساس، وكل ما يحيط بك لا يخبرك سوى أن جهدك لا يكفي، وأنك لم تفعل شيئًا يُذكر، وكيف لك بأن تقع في تلك الأخطاء الفادحة، وكأنه لم يقع فيها أحدٌ قبلك مثلًا. بات الخوف مُرهِقًا جدًا، الخوف من المستقبل ومما سيحدث فيه، الخوف من التقييم، وربما الخوف من التيقن أنك لست جيدًا بما يكفي.
لكنني أرجع لأقول لنفسي، أنني لم أدخر جهدًا، لم أبخل يومًا على نفسي أو على أحدٍ آخر بأية معلومات، كنتُ دومًا أبحث وأذاكر لكي أصل إلى أفضل نتيجة ممكنة. ربما هذا مقارنة بالعالمِ الواسع لاشيء.. لكنني لا أهتم، يومًا ما سنفوز بالمقارنة العادلة، وسننال الثناء، وسيعترف العالم بأننا قد بذلنا جهدًا ووصلنا لشيءٍ جميل.
أكتب الآن لأقرأ لاحقًا وأعلم أنني كنتُ مثابرًا دائمًا، ولم يليق بيّ اليأس يومًا ولن يليق.
#رنا_هشام