الاثنين، 25 ديسمبر 2023

أن تأتي ولا تغادر.

عزيزي.. أنتَ الذي لا أعرف لك اسمًا ولا أعلم لك صفةً أُناديك بها، لذّا فأنت عزيزي فحسْب. صاحب العمرِ المقبل، ورفيق الدرب الطويل. عساك بخيرٍ الآن.. أينما كنت وأينما حللّت. أشعر أنك تعرف أن في بقعة ما -على هذه الأرض- هناك شخصٌ يكتب لك، يتفقدك من الحين إلى الأخر. رغم أنه لا يكتب إليك كل يومٍ أو شهرٍ؛ ليس لديه نمط واحد يراسلك عليه. لكنه كلما أشتاق إليكَ؛ لم يستطع أن يكتم حروفه ويمنع كلماته أن تصطف وتكون سطورًا موجهة إليكَ. مهما أتهمه الناس بالجنون لأنه يكتب لشخصٍ لا يعرفه عن مشاعر لا يعرفها. لكنني أقول أن من تمام مصداقية الأشياء أن نستطيع وصفها وصياغتها. ولأننا نتيقن منها حق اليقين. لدّي موضوعات عدة اليومَ، تسائلت صباحًا -وأنا أشتري قهوتي- هل تحب القهوة؟ وعلى أي حال تحبها؟ هل تضع السكر؟ أم تتجرعها مُرةً؟ هل ستتقبل هوسي الشديد بتجربة المشروبات النادرة؟ أم ستراه شيئًا مضحكًا؟ لا أخفيك سرًا، كان وقتًا لطيفًا قضيته وأنا أفكر في كيفية اختيارك لقهوتك، ومضى وقت انتظاري لكوبي سريعًا. 
كما قلت لك مسبقًا -إن كنت تتذكر- أنني أستمتع كثيرًا بالجلوس جانب النافذة وسماع أغنية. أغنيتي اليومَ كانت قاسية، لا تظن أنني لا أضع على قائمتي أغاني سعيدة. بل، أفعل. لكن هذا ما حدث اليومَ.. وبدأ طريقي بمقطع من منتصف الأغنية على غير العادة " وفي حضن الشوق والحنية، غمضت عنيا شوية.. وفي ضل آمالي الحلوة والدنيا ملك إيديا.. بصيت ولقيتك مش جنبي.. ولقتني أنا لوحدي.. أنا وقلبي.." هل تراه مقصودًا؟ هل ترسل الأكوان الموازية رسالة ما؟ هل يخبرونني بطريقة حانية أنني أعيش في بلورة زجاجية؟ أنتظرك وأكتب إليك وأنت لن تأتي؟ أو ربما تكون غير موجود من الأساس. وكأنني أطلب أشياءً كثيرةً، كألّا تغادرني يومًا، ولا تمل مني ومن رسائلي الطويلة إليكَ، وأن تفتقدني كما تفتقد شيئًا غاليًا بالنسبة إليكَ. وأن تختارني رغم كل السوء الذي قد تراني عليه. هل هذه أشياءً كثيرةً؟ إن كانت كثيرةً؛ فهل كثيرةً مطلقًا؟ أم كثيرة أن أكون أنا من طلبها؟ غرقت في التساؤلات حتى استأنفت الأغنية قائلةً.. "مش ببكي عليك.. أنا ببكي عليا يا حبيبي" وهذا فعلًا ما شعرت به، أريد البكاء لأن ما أطلبه ليس كثيرًا مطلقًا. آمل ألا تراه كثيرًا أنت أيضًا. وأن تكون موجودًا في مكان ما. وأن تكتب إلّي يومًا ردًا على رسالة. أو ربما تأتي هنا -بجانبي- ولا تغادر حيث الكثير من الأغاني، أكواب القهوة، والحكايا. 

الأربعاء، 6 ديسمبر 2023

زي الهوى يا حبيبي.

عزيزي.. أنتَ الذي لا أعرف لك اسمًا ولا أعلم لك صفةً أُناديك بها، لذّا فأنت عزيزي فحسْب. صاحب العمرِ المقبل، ورفيق الدرب الطويل. عساك بخيرٍ الآن.. أينما كنت وأينما حللّت. تمر الأيام صعبة جدًا. كل فقرة في يومي تتسم بصعوبة أصعب مما قبلها. لا شيء يأتي بسيطًا هادئًا مثلي في كل شيء ماعدا رسائلي الطويلة إليكَ. لا أخفيك سرًا حتى تلك الأحاديث الطويلة تكون صعبة جدًا وهي تُكتَب إلى شخصٍ مجهول. أكتب لكَ وأسمع في أذني أغنية. يتزامن اللحن مع الكلمات ليقول لي: ما أصعب أن تهوى امرأة يا ولدي ليس لها عنوان!
يا إلهي! أليس هذا هو ما أقوله؟ هو شيء صعب حقًا. لكنّي أقول غدًا سأعرف العنوان، غدًا لن أكتب لشخصٍ مجهول، غدًا.. غدًا.. غدًا.. عشرة آلاف غد!
ولكن دعني أقول أن بالأمس حدث شيءٌ بسيط وسهل مثلي. ركبت حافلة خاوية، تأخذني إلى مكان عملي تمامًا بالضبط. جلست في كرسي ملاصق للنافذة؛ أحب رؤية الناس والشارع. أحب أن أعيش معهم في حكاياهم. وددت ألا أخوض الرحلة وحدي. صدقًا كنت أشعر أنك معي، ولأول مرة. كان الكرسي المجاور لي دافئًا، هل كنت جالسًا عليه؟ أثناء الرحلة أدرت أغنية في سماعتي، وامتزجت الوجوه بالموسيقى، أرى وجوهًا لا أعرفها وأسمع مطربي المفضل وهو يقول "زي الهوى يا حبيبي.. زي الهوى.. وآه مالهوى يا حبيبي.. آه مالهوى" وددت لو نظرت في وجهك -الذي تملؤه ابتسامتك- وقُلت "زي الهوى يا حبيبي.. " لا ترتاب يا عزيزي.. اعلم أنك لست هنا، وهذا هو طيفك فحسْب. وبقيت هكذا على هذه الحالة طول الطريق، أتمتع ببرودة الجو، بالأغنية وبصحبتك في أغنيتي.. "ومشينا يا حبيبي والفرح يضمنا.. ونسينا يا حبيبي مين أنت ومين أنا.. حسيت إن هوانا هيعيش مليون سنة.." كم أتمنى ألا تفنى اللحظة التي ستجمعنا؛ حينها فقط سيدوم حبنا مليون عامًا. كم تمنيت أن تطول الرحلة، ولا أصل لعملي بهذه السرعة، ولا أصل لنهاية أغنيتي، ولا ألتفت للكرسي المجاور لأجده فارغًا -حتى من طيفك- وباردًا كبرودة كل شيء أعيشه وحدي.. ومضيت في طريقي وأنا أكمل أغنيتي..
"و في لحظة لقيتك يا حبيبى زى دوامة هوا..
رميت الورد طفيت الشمع يا حبيبى..
و الغنوة الحلوة ملاها الدمع يا حبيبى.. وفي عز الأمان ضاع منى الأمان..
و اتارينى ماسك الهوا بإيديٌا ماسك الهوا.. "
عزيزي -الذي لا أعرفه له اسمًا- عندما تكون على الكرسي المجاور لي، أرجوك أن تُسمِعُني أغنية أخرى. أغنية لا يعرف لحنها الحزن.

#رنا_هشام

مقبرة الأحلام..

 عزيزي.. أنتَ الذي لا أعرف لك اسمًا ولا أعلم لك صفةً أُناديك بها، لذّا فأنت عزيزي فحسْب. صاحب العمرِ المقبل، ورفيق الدرب الطويل. عساك بخيرٍ ...