اليوم وجدتُ مشاعري مضطربة، بين شبعٍ ثم جوعٍ مفاجيء يجعلُني ألتهم الكثير من الحلوى، بين صفاء ذهنٍ ثم صداعٍ وآلمٍ أضطرتني لشرب أكوابٍ عدة من القهوة سريعة التحضير، ولكن الآلم أخذ يهزق برأسي، ليُذكرني أن مريض التهاب الأعصاب لا يجب أن يستهلك كل كميات القهوة تلك، ويجب ألا يضع نفسه تحت دائرة الضغطٍ هذه، لأنه لن يتحمل، وسيقع بلا سابق إنذار.. يذكرني وجهي كل صباح أنه يتألم، ولكنني أتجاهله، ليس لدّي طاقة لأعتني بأية أدوية.. لم يتوقف الإضطراب الشعوري عند هذا فحسب، بل وجدتني أشعر بحبي المشروط لنفسي عندما أنهيتُ مذاكرة فصلًا صعبًا، تمنيت حينها لو أنني كنتُ شخصًا أبسط، خالي من كل التعقيد، لا يُبالي بشيء.. أعلم جيدًا أن الجمال لدّي يكمن في التعقيد، ولكن رُبما وددت أن أرتدي ثوب البسطاء قليلي الطموح يومًا واحدًا.. أيضًا وجدتُ أن اليومَ لابد أن يحوي بعض ذكريات الماضي، فذهبت وفتحت الدرج الأسفل.. وأمسكت بدفتري القديم، الخاص بالعام الماضي.. وقرأت كل ما كتبت، كانت سنة ثقيلة جدًا.. ذاكرتُ الكثير في مجالي الذي أحببت؛ لكنني أشعر أنني لا أعرف شيئًا الآن.. وكتبت اقتباسات عدة، ولكنني أشعر أنني لا أستطيع أن أنمِق سطرًا الآن.. كان الدفتر بمثابة بوابة إلى أيامٍ رجوْتَها أن تمضي، ومضت مصحوبة بلطفٍ من خالقي.. وأمسكت بكتاب "قواعد الحياة" باللغة الإنجليزية، وتذكرت أنني كنتُ أقرأه في زيارتي للطبيب منذ فترة، ولكني لم أنهيه بعد.. فقلت لو أنني أعود لأقرأ صفحة قبل النومٍ ولا يراودني الشعور بالإرهاق مجددًا.
هل ترى أنني سأكتفي بهذا؟ لا.. بل فتشت في خزانة هاتفي وقرأت رسائل مضّت ومضى معها أصحابها، وحالت بيننا الأيام والليالي، ولا أعلم كيف أصبحوا ولا كيف أمسوا.. وأعلم أنهم لا يعلمون عني شيئًا، لكني لست مثلهم؛ أمتلك قلبًا هشًا يتذكرهم كل ليلة، بل لا يكاد ينساهم حتى يتذكرهم.. ولا أعلم متى سأصبح مثلهم.. لا أعلم شيئًا ولا أتذكر..
لا أملك مشاعر مضطربة اليومَ فقط، بل كل يوم وكل للحظة، ولكني اليومَ لا أملِكُ طاقة لأُخفي ذلك ببراعة كل يومٍ مضى..
فإن زار اسمي خاطرك، فاصحبه بدعوة.
#رنا_هشام