أليس جُرْمًا أن يقول الإنسان شيئًا ثم يعود ويتراجع، أليس كذلك؟
لأنني هكذا اليومَ وكل يومٍ، أُبرم اتفاقيات مع نفسي ولا أوفي بها، أقول أنني سوف أكتب كل يومٍ، سأشارك ما أشعر به وأعيشه، ولكن سرعان ما أتراجع، لأنني لا أجد ما أقول، لا أعرف كيف أصيغ ما أشعر به، كتلة من مشاعر الندمِ واليأس على كل شيءٍ مضى، تمامًا كالطفل التائه، في منتصف الطريق، لا يملك خارطة تقوده للنور، ولا يعرف كيف يعود لبداية الطريق. ولأول مرة لا يستطيع أن يفعل كما يقول والداه، لأنه في هذه اللحظة لم يَعُد طفلًا؛ وصارت حياته وقراراته أصعب مما كانت. حتى وإن أتخذ قرارًا ولم يكن صائب الاختيار، فلن يتحمل كلمات اللومِ والتوبيخ من نفسه أو ممن هم حوله. فلأول مرة تقف وتتسائل هل يمكنني أن أختفي؟ أتلاشى كما يتلاشى رماد الأشياء؟ أو أتحول لشجرة ينساها الناسُ حنى تذبل وتموت؟ أم سنظل فترة طويلة هكذا، نتقمص دور غصن الشجرة الضعيف، الذي تذروه الرياح رُغمًا عنه. ولا يملك من أمره شيئًا مطلقًا. أَعِدُ نفسي كل مساء أننا في اليوم التالي سوف نفكر بإيجابية، وسنحاول أن نرى شيئًا جميلًا بداخل كل شيء، وأننا لن نندم ثانيةً، ولن نضع نفسنا في دائرة اللومِ والتوبيخ. لكنني في الصباح أضحك بسخرية على وعودي تلك، وأقول لنفسي هلا نظرتِ إلى الواقع؟
حينها أتراجع عما وعدت به نفسي، وأدعو أن يمر يومي في سلام فحسب، لا أريد أن أكتب، لا أريد أن أقرأ، لا أريد أن أرى أحدًا أو أحدِث أحدًا، لا أريد شيئًا سوى أن ترحمني نفسي قليلًا.
#رنا_هشام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق