الأربعاء، 15 فبراير 2023

يومًا ما سنبكي لأننا -وأخيرًا- أصبحنا يومًا ما نريد يا صاح.

رأيته يمشي ثم جلس وحده في مكان تُحيطه الأشجار من جميع الجهات، ووضع سماعتي الأذن وبدأ يسمع شيئًا ويبكي. يبكي بغزارة وكأن الدموع لا نهاية لها. شعرت وكأنه يبكي على كل شيء فاته ومضى. يبكي على الأشياء التي يتمناها ولا يلقاها. يبكي على حاضرٍ لا يملك شيئًا في تغييره. يبكي على أيامٍ يعيشها لا يشعر فيها بشيء سوى الخيبة واليأس. وكأن كل ما يبذله من جهد ليس كافيًا. وأن عليه أن يهبط توقعاته وأحلامه. وأن يرضى بالقليل، ويعيش متواريًا خلف الأسوار.. لا طموح ولا حياة.
وظل هكذا حتى جاءت قطة صغيرة قفذت على رجله وأمسكت بالسلك وجذبته حتى انقطع؛ وظهر الصوت جليًا للعامة، صوت مألوف جدًا.. إنه محمود درويش.. 

" سأصنع الفرص، والأحلام،
والأهداف، والأماني،
مازلت حيًا في مكانٍ ما،
وأعرف ما أريد،
سأكون يومًا..
ما أريد. " 

فبادر على ذهني سؤالٌ: هل الدموع ستجعلنا نصل إلى ما نريد؟ أم أنها فقط كل ما نملك الآن؟ لأنني كنت أراقب المشهد من خلف شجرة وأنا أبكي أيضًا.. ربما كنت أصف ما يُبكيني أنا. 

ولكن، 

يومًا ما سنبكي لأننا -وأخيرًا- أصبحنا يومًا ما نريد يا صاح. 

#رنا_هشام

الأحد، 12 فبراير 2023

أرخص ليالي

#أسبوع_القصة_القصيرة 

في أسبوع القصة القصيرة لن ننسى أبدًا أن نسلط الضوء على أحد أهم رواد القصة القصيرة في عالم الأدب العربي، الطبيب الأديب.. يوسف إدريس. 

في الصورة تتجلى مجموعته القصصية الأولى <<أرخص ليال>> والتي نُشرت في ١٩٥٤، احتوت على بعض القصص القصيرة، التي تصف المجتمع والواقع، بينما يمتاز يوسف إدريس بروعة اللغة ورشاقتها في وصف كل عناصر القصة وكأنك تراها بعينك. وأجاد -في وجهة نظري- صنع أبطال مألوفين إلى حد كبير، لا تشعر وكأن البطل كائن خارق، بل تشعر وكأن البطل شخص تعرفه وتعيش معه في حارة من حواري مصر القديمة، أو بيت من بيوت الريف. 

"هذا الكتاب يأخذك في (مشوار) (على الماشي) مدته (خمس ساعات) لتتجول في (أم الدنيا) وترى (الحادث) الذي أثار جدلًا مؤخرًا ووضع عليه الأصدقاء (رهان) بينما يتحدث السائق عن بحثه على (شغلانة) حتى ولو لم تكن ب (الشهادة) التي درسها ولو كان حتى مجرد عاملًا على (المكنة) (في الليل) وكان صوته يوحي إليك بأن تلك (الأمنية) شيئًا صعب المنال وأننا نعيش على حافة (المرجيحة) فنتأرجح بين كل (مأتم) قليلًا. ولكن سعينا يتوج باللاشيء، ونعيش كل يومٍ على فتات الطعام والشراب، حقًا يا لها من (أرخص ليال).. "

الأسماء بين الأقواس هي أسماء بعض القصص الواردة في هذا الكتاب. 

أيضًا من أجمل أعمال يوسف إدريس الروائية: روايتي (العيب، الحرام) 

❤️🫶🏻
#رنا_هشام

الثلاثاء، 7 فبراير 2023

مقال عن كتاب: حكايات الأمس

هل يقول التاريخُ وداعًا؟ 

سؤال يجعلك تُبحر في أمواج هذا الكتاب لتجد إجابة تُرضي شغفك، رغم أن الكاتبة وضحت أنها لم تبحر في درر التاريخ الراكدة. لكنه كان إبحار شديد لشخص لا يحب التاريخ مثلي، ويحاول أن يستعيد علاقته بالتاريخ من جديد. 

ما جذبني للكتاب هو الأسلوب الرشيق في تناول الموضوعات والحكايات، مما جعلني لا أشعر بالملل أو الثقل أبدًا.. قد أنسى بعض التفاصيل وأعاود لأقرأها ثانية، لكنني نجحت في استيعاب كل شيء من أول مرة. 

نجحت الكاتبة في مزج اقتباسات وأقوال لكُتّاب وأدباء -تحبهم ونحبهم جميعًا- بكل حكاية كانت ترويها، مما يضيف عمقًا للاقتباس، ليس مجرد اقتباس فحسْب. بل دعوة للتذكير أن كل شيء في هذه الحياة مترابط.. 

يظهر في الكِتاب وفي المصادر مجهود الكاتبة الهائل في البحث والتمحيص في صحة المعلومات.

- مما كتبت يارا -بشكل مميز- في نهاية الكتاب: 

"والآن قد أنهيت رحلتي في حكايات الماضي، وأعترف أنني لم أجرؤ على الإبحار بعيدًا، وأنني لم أحلم بالوصول لدرر التاريخ الراكدة في الأعماق البعيدة في الزمان والمكان، وأنني فضلت الوقوف على الشاطيء لتداعب الأمواج قدمي وأن أستمتع ببداية رقيقة ناعمة. 
وأنني حاولت فقط أن أفتخ نافذة صغيرة ليدخل منها نور الشمس على عقولنا وخيالنا، وأمسكت بطرف الخيط ومضيت خلفه ألملمه وأظن أنه يمتد إلى ما لا نهاية. "

والآن وبعد هذا الإبحار الجميل، أستطيع أن أقول.. أن التاريخ لا يقول وداعًا، وأننا مهما مضى بنا الزمان، فسيأتي يومٌ نسترجع فيه الذكريات..

اسم الكتاب: حكايات الأمس
الكاتبة: يارا إبراهيم ندا 
عدد الصفحات: ١٨٤
صادر عن دار كتوبيا للنشر والتوزيع. 

بقلمي #رنا_هشام

السبت، 4 فبراير 2023

مقال عن كتاب: أنا قادم أيها الضوء

كم جميلًا أن تذهب في رحلة مجانية إلى حياة شخصٍ آخر، يُريك فيها كم كان يعاني، يغلب المرض مرةً ويُغلبه المرض مرارًا وتكرارًا.

دوّن محمد أبو الغيط في هذا الكتاب المزيج بين الأمل واليأس. فكانت تجربة صعبة أن تقرأ سطور الأملِ وأنت تعلم أن الرحلة قد توّجت بالموتِ. لكن هذا هو قضاء الله وقدره. 

حاول الكاتب في هذا الكتاب أن يُبسط المفاهيم الطبية، كي يفهمها القاريء العادي، ويتجاوب معه في رحلته. ورغم أنني كنت أشعر بالحزن الشديد وقت القراءة؛ لكنني كلما توقفت عن القراءة عدتُ مرةً أخرى لأكمل الحديث، وكلي شوق أن أعرف ماذا سيفعل في رحلته القادمة مع المرض. كما اهتم أبو الغيط -رحمه الله- أيضًا أن يترك أثرًا عن ابنه ولابنه، ودوّن عن بعض الاشياء التي كانت تجمعهما سويًا وكيف استقبل ابنه خبر مرضه، وختم الكتاب بجواب خاص لابنه، وكم هو فخور به وباختلافه عن باقي أبناء جيله. 

ولأن هذا الكتاب لن نوفيه حقه حين نقيمه بالعلامات والنجوم، فلن نضع تقييم له. لأن رحلات المرض الشاقة، ومحاولات العلاج المستحيلة المستميتة لا يمكن التعبير عنها في عدة نجوم أو سطور تصف ماذا شعرنا.. 

لكن هذا الكتاب نجح في أشياء كثيرة منها جعلي أقدر قيمة الحياة، قيمة الصحة وقيمة كل شيء جميل قد استيقظ لا أجده، ولا أنت -عزيزي القاريء- تجدني أنا بذاتي.. فسيأخذنا الموتُ يومًا كما يأخذ كل غالي. 


مما كتب أبو الغيط: 
"الهدف الوحيد من تأليف هذا الكتابة هو أن أحل المعضلة العقلية التي تثيرها المعاناة، أما بالنسبة للهدف الأسمى حقًا، وهو تعليم الناس الثبات والصبر، فلست أحمق بما يكفي لأعتقد أني مؤهل لذلك. ليس لدي شيء أقدمه إلى قرائي سوى اقتناعي أنه حين يأتي الألم، فإن القليل من الشحاعة يساعد أكثر من الكثير من المعرفة، والقليل من التعاطف الإنساني أفضل من الكثير من الشجاعة، وأقل لمسة من محبة الله تفيد أكثر من ذلك كله.. " 

رحم الله محمد أبو الغيط. 

اسم الكتاب: أنا قادم أيها الضوء. 
صادر عن دار الشروق للنشر والتوزيع. 
عدد الصفحات: ٣١٥ 


بقلمي #رنا_هشام 

مقبرة الأحلام..

 عزيزي.. أنتَ الذي لا أعرف لك اسمًا ولا أعلم لك صفةً أُناديك بها، لذّا فأنت عزيزي فحسْب. صاحب العمرِ المقبل، ورفيق الدرب الطويل. عساك بخيرٍ ...