كم جميلًا أن تذهب في رحلة مجانية إلى حياة شخصٍ آخر، يُريك فيها كم كان يعاني، يغلب المرض مرةً ويُغلبه المرض مرارًا وتكرارًا.
دوّن محمد أبو الغيط في هذا الكتاب المزيج بين الأمل واليأس. فكانت تجربة صعبة أن تقرأ سطور الأملِ وأنت تعلم أن الرحلة قد توّجت بالموتِ. لكن هذا هو قضاء الله وقدره.
حاول الكاتب في هذا الكتاب أن يُبسط المفاهيم الطبية، كي يفهمها القاريء العادي، ويتجاوب معه في رحلته. ورغم أنني كنت أشعر بالحزن الشديد وقت القراءة؛ لكنني كلما توقفت عن القراءة عدتُ مرةً أخرى لأكمل الحديث، وكلي شوق أن أعرف ماذا سيفعل في رحلته القادمة مع المرض. كما اهتم أبو الغيط -رحمه الله- أيضًا أن يترك أثرًا عن ابنه ولابنه، ودوّن عن بعض الاشياء التي كانت تجمعهما سويًا وكيف استقبل ابنه خبر مرضه، وختم الكتاب بجواب خاص لابنه، وكم هو فخور به وباختلافه عن باقي أبناء جيله.
ولأن هذا الكتاب لن نوفيه حقه حين نقيمه بالعلامات والنجوم، فلن نضع تقييم له. لأن رحلات المرض الشاقة، ومحاولات العلاج المستحيلة المستميتة لا يمكن التعبير عنها في عدة نجوم أو سطور تصف ماذا شعرنا..
لكن هذا الكتاب نجح في أشياء كثيرة منها جعلي أقدر قيمة الحياة، قيمة الصحة وقيمة كل شيء جميل قد استيقظ لا أجده، ولا أنت -عزيزي القاريء- تجدني أنا بذاتي.. فسيأخذنا الموتُ يومًا كما يأخذ كل غالي.
مما كتب أبو الغيط:
"الهدف الوحيد من تأليف هذا الكتابة هو أن أحل المعضلة العقلية التي تثيرها المعاناة، أما بالنسبة للهدف الأسمى حقًا، وهو تعليم الناس الثبات والصبر، فلست أحمق بما يكفي لأعتقد أني مؤهل لذلك. ليس لدي شيء أقدمه إلى قرائي سوى اقتناعي أنه حين يأتي الألم، فإن القليل من الشحاعة يساعد أكثر من الكثير من المعرفة، والقليل من التعاطف الإنساني أفضل من الكثير من الشجاعة، وأقل لمسة من محبة الله تفيد أكثر من ذلك كله.. "
رحم الله محمد أبو الغيط.
اسم الكتاب: أنا قادم أيها الضوء.
صادر عن دار الشروق للنشر والتوزيع.
عدد الصفحات: ٣١٥
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق