لكلٍ منا أشياء يسهر لها، من لديه صديق يطمئنه على أحواله، ومن لديه حبيب يضخ له من الحكايا ما يكفي لإزالة أرقه الليلي. أما أنا فلا أفعل هذا أو ذاك. أقرأ قليلًا، أتحرك كثيرًا حتى يهدني التعب فأنام. ولكن أحب دائمًا أن أرى "ذكريات الفيسبوك" كل يوم بعد الثانية عشر صباحًا، أتصفح ما كتبت سابقًا، أرى صورًا قديمة وأضحك على شكلي فيها، وسرعان ما أقول: لم يتغير شكلك يا فتاة! إذًا أنتِ غير راضية على شكلك الآن، أليس كذلك؟ كل هذه هي نقاشات كل يومٍ بيني وبين نفسي.
لكن اليوم جاء مختلفًا كثيرًا. إنها ذكرى حفلة تخرجي؛ رغم أنها كانت سيئة للغاية، رتيبة للغاية، لا أرى أحدًا ولا أسمع أحدًا. بيني وبين أصدقائي مئات الأسماء. يحدثني عقلي: أكان مهمًا أن تتفوقي وتتقدمي هكذا وتتركي الأصدقاء؟ تصرف غير أخلاقي يا فتاة! فأجيبه: ما ذنبي أنا؟ ماذا كان علّي أن أفعل!
على غير العادة لا أستاء من إطلالتي هذا اليوم أبدًا، أشعر أنني لن أكون بهذا الجمال يومًا ما آخر. هذا هو أقصى حد قد أصل إليه. جاءت ابتسامتي حقيقية وسعيدة، كانت نابعة من القلب فحسْب. لا تشوبها شائبة، أتفهم مقصدي؟
لا أخفيكم سرًا حاولت تجاهل ذكرى الحفلة. حتى لا أجلس أحسب كم مضى من وقتٍ، وماذا قد أنجزت فيه، وهل هذا كافيًا أم كان علّي أن أنجز المزيد. لكنني لا أملك طاقة. لقد انهارت صحتي الجسدية والنفسية في المجال الذي اخترته. إما أن أكون شيئًا أو أن أحتفظ بما تبقى من صحتي. حاولت جاهدة أن أتجاهل هذا اليوم، لا أرى صوره ولا أذكر أن اليوم هي ذكراه. حتى قالت لي أختي: أتتذكري؟ منذ عامٍ مضى كان حفل تخرجك. أجبت: نعم أتذكر، فأنا اتذكر التاريخ.
وهنا قدمت اعترافًا أن الذاكرة لا تنسى شيئًا، مهما أكدت عليها أن تتجاهل وتوجه التركيز على شيء آخر. ما يؤرقني حقًا أن الوقت يمضي سريعًا جدًا، لا أستطيع استيعابه. لا أستطيع أن أحدد ماذا أريد. وأين سأضع قدمي بعد ساعاتٍ.
#رنا_هشام
الصورة لصاحبها.