الثلاثاء، 28 يناير 2020

تخاريف ليلية قصيرة

رفيقي، حانَ الآن موعد تخاريفي الليلية، لستُ أعلم هل عليكُ تحمُلِها أم لا! أظن لا فارِق في الحالتين فأنا أكادُ أطيق نفسي بصعوبة بالغة.. لقد سئمتُ من كوني لينًا.. لقد، سئمتُ من كوني لا أستطيعُ ردَ الأذي.. لكنه ليس اختياري لقد فُرِضَ علّي ذلك.. كما زعمت أنت أيضًا أنه فُرِضَ عليكَ الرحيلُ عني.. أيهذا الرفيق إن احترتَ بيني وبين شيئاً أخر ،فلا تخترني، فأنا بالِغُ اللينِ وأكاد ُ أنكسر في صحبة من لا يرحمُ مثلكَ، لقد اعتدتُ أن أكون لينًا دائمًا...
المُخلِصَة لك دائمًا رنا!  

حان الآنَ موعد تخاريفي الليلية، وربما نعتبِرُها مصارحاتي معكَ...  لطالما أعتبرتُك عموداً في مبني حياتي، لطالما شعرتُ أنك غير قابل للتبديل.. ولكن بكل سهولة أجدُك راحلاً وتاركًا مبني حياتي لينقض!  
والآنَ تستعجب من وصفي لحياتي بالمأساة؟  لماذا يا رفيقي؟  ألم تري ماذا يحدُث؟ لقد خسرتُ كل ما أحببتُه كثيرًا حتي أصبحتُ بلا هوية، بلا هدف وبلا حُب!  
ولكن ياحسرتاهُ فكل الخسائر تعرِفُ النسيان طريقاً لها ولكن الحُب الصادِق لا يعرِفُ إلا البقاء حتي يُفتت كل ما فينا شيئاً فشيئاً، نغلِقُ الأبوابَ فيتسلل إلينا من النوافِذ!  
لعلني أجدُ مخرجاً، لعلني أفتعِلُ النسيان.. لعلني أنساكَ للأبد.. إلي ما لا نهائية وما بعدها!  
المُخلِصة لكَ دائمًا رنا!  

لا أحلم بفارِس و فَرَس أبيض ، ولكن شخصاً عادياً بكلماتِ عادية ومعتادة ولكنها نُقِشَت بشغفٍ يكادُ يخطف قلبي ويأسره في بحورِه الأدبية.. 
ظللتُ أحلم بشخصٍ يكتُب لي رسائُل قصيرة فأقرأ لتسعَدُ روحي ويهدأُ عقلي، ولكن عفواً.. 
ما بحثتُ عنه قد كان غير موجودًا. أعترضت نفسي، وقررَتْ التمرد علي تلك الوضعِ وحوّلت نفسها شخصاً يكتبُ رسائل قصيرة.. 
ربما للناس ليستمتعوا بكلماته، وربما الأرجح لنفسه ولروحه.. 
أكتُب لنفسي قبل أن أكتب لأحد ، ولكنه ما أقسي أن يكون المرء كاتباً لنفسه بارِعًا في وصفِ مشكلاتها بدقة تؤذيها... 
أيتها النفسُ ، عُذرًا سامحيني!  
المخلصة لكِ دائما رنا!  


أيهذا الصديق الذي كنتُ أنا صديقه المُفضل ، هل تتذكرني ولو سهواً؟ 
إذا كانت إجابتُك" نعم " ، فحدثُني ماذا أتي بي إلي عقلك الجميل؟ ذكري عابرة أم شوق مستوطن؟ 
وإذا كانت إجابتُك "لا" ، فلِماذا يا صديقي؟ لماذا لا تتذكرني الآنَ ؟ أنا من كنتُ رفيقَك وخازن أسرارِك الأمين. 
هل تدعو لي مِثلما كنتِ تفعل؟ هل تذكُرني عند خالِقنا بشيء؟  
إذا كانت إجابتك "نعم" ، فحدثني ماذا تقولُ ؟ أتمني أن تدعوه بأن نكون سوياً مجدداً، أدعوه أن يُريح قلوبنا..  قلبي وقلبك اللذان هما في أضلُعي وحدي.. أشعُر وكأنني شخصين.. واحد يُحبك جداً والأخر يوبخه من الحينِ إلي الأخر.. يُذكره بقسوتك عليه ليتخلي ويرحل... 
وإذا كانت إجابتك "لا" ، فلماذا؟ ألم تعدني أنك ستظل تدعو لي دائماً؟ حتي حين أفني وأموت ؟ والله إني أموت في كل لحظة مائة مرة عندما أتذكرُ حالنا وما جرت به المقادير لدينا..
لماذا نقضت عهدَك معي؟ لماذا توقفت عن ذكري؟
 أيهذا الصديقُ ، لقد كُنت أنا صديقك المفضل. 
سامحني إن أفترضتُ ردودًا لكَ ولكن ماذا علّى أن أفعل في غيابِك؟ أبحثُ عنك لترد مثلما كنا نفعل ولكنك لست هنا، ولن تكون أبداً! 
المخلصة لك كثيراً حتي تفني العوالِم-التي تذكُرك كل يوم إلي خالقها ولم تنقض العهدَ بعد- رنا!  


السبت، 25 يناير 2020

موعِد مع عقلي ! 🕵

جئت اليوم كاتبةً ذلك ولست أدري ما منتهي كلامي، تشاجرت الأفكار المتشابكة علي المكان الخالي الوحيد في عقلي.. الذي نفسه هو الذي ألَّح علّي بالذهاب للجلوس وحيدةً في مكانٍ مفتوح.. رُبما لم أكن أعلم عما سوف يتحدث معي عقلي؟  ما الذي سوف يقترحه علّي؟  هل سأحتسي بعض رشفات القهوة بهدوء أم ستتصارع عليها الأفكارُ أيضاً؟  لا بأس علي أي حال لبيتُ نداء عقلي.. وذهبتُ بالفعل وجلست ومقابلي مقعد لشخصين، كان فارغاً في بداية الأمر ومن طبعي أنني لا أُريد الانغماس في حياة الآخرين وددتُ الجلوس في مكانٍ بعيد فاخترتُ المقعد الفردّي المقابل للمقعد ذاكَ. 
فتحتُ هاتِفي لأقرأ بعض الصفحات من كتابي الحالي وانغمست فيه اقرأ وأُسجِل حتي سرقني الوقتُ وشعرتُ بالتعب فأغلقتُ هاتِفي وبدأتُ أرفع رأسي شيئاً فشيئاً حتي لاحظت امتلاء المقعد المزدوج الذي يُقابِلني.. كان يملؤه أمرأة عجوز وزوجها، كان المشهد أكثرُ من رائع وكنت أظن أن عبيرَ الحُبِ قد فاحَ لتصل إلّي بعض نسماته...  
كانوا يتبادلون أطراف الحديثِ حتي نهضت الزوجة إلي المقهي كي تُحضر بعض المشروبات الساخنة. 
وحتي أكونُ صادقة فأنا لم أغفل عنهم منذ البداية، لم أكن أعلم ما الأمرُ ؟ لماذا قلبي ،عقلي وعيني قد تجمعوا سوياً عليهم؟  لماذا شعرتُ أنني بحاجة إلي رفيقِ حتي المشيب، ربما أصدق حُب هو ذلك الحب.. فلا عاد جمال ليُغريه ويجذبه!  حُبٌ من الروحِ إلي الروحِ فحسب ... 
ولكن بحكم كوّني شخصاً لا يتوقع النهاياتِ السعيدة أبداً - وذلك بالطبع خطأ فادِح- ولكن تلك هي طبيعتي، لاحت أمامي فكرة الفِراق، وكيف لهذين الرفيقين أن يذهب أحدهم تاركاً الأخر يضيع!  يضيع؟  نعم،  وهل هناكَ أشد وأقسي من ذلك ضياع للروح وإنهاك للحب! 
وجاء عقلي متسائلاً متعجبًا ليتبع فكرة الفِراقُ قائلاً : لماذا يرحَلُ الناس؟  لماذا يزرعون بداخلنا ورودًا ثم يتركوها لتذبل؟  أتذكرُ أنني قرأت منذ فترة اقتباسًا يقول "لقد ذَبِلَ وردُ قلبي يا حضرة الساقي! " ما أقساه من تعبير.. بل إنه مَذلةٌ ومهانةٌ!  
كيف لنا أن نطلب السقاية مِن مَن تركنا ورحل؟  لو كان يريدُ الحُب لم يكن ليرحل.. لم يكن ليترك مزيدًا من الأسئلة -بلا إجابة- تدورُ في رأسي كل ليلة.. 
تبع ذلك عقلي بسؤالٍ : لعله هناكَ حكمةً من الله للفِراق؟  فكل شيء يكتُبه الله لحكمة!  وكُلُنا مسلمون بذلك القضاءِ عرفنا الحكمة أم جهلناها!  فآيات سورة الكهفِ خيرُ دليلٍ !  لعلّنا لم نُحط خبراً بحكمة الفِراقُ بعد!  لعلنا نعرفها أو نموت ونحنُ جاهليها.. لله الأمرُ مطلقًا!  
"وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا ؟ " (سورة الكهف) 
ولكن الأسباب الظاهرية أمامنا الآنَ تتمثل في عدة نِقاط منها : حُب الله لنا!  
ماذا تقول يا عقلي؟  حُب الله لنا يتمثل في فِراقهم؟  
نعم، أعني ذلك يا صاحِبتي.. فلعل الله يُغار علي قلوب عباده، ومن حبه لنا.. يجعل قلوبنا متعلقة به وحده!  
"يبتلي الله العبد بأحب الناس إليه، ليريه أن الناس تتخلى عمن أحبت والله لا يترك من أحب." (جلال الدين الرومي )
 ومن ناحية آخري،  ربما تلك النهاية هي نفسها التي تسطر أحرُف البداية في قصةٍ أُخري! فكيف لنا أن نُعطي أنفسنا الحقُ في الحكم على القصة من خلال أول فصلٌ فيها؟  
 وتتجلي العديدُ من الأسباب الكثيرة منها التسليمُ بحكمة الله في موت الناس وبعثهم.. حينها لم يبقي أحداً علي وجه الأرضِ وسنكون جميعنا قد رحلنا وتتجلي تلك الحكمة بعبقرية في قول اللّه تعالي في سورة القصص : 
( وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ ۘ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ۚ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ )
وهنا تتضح لنا حتمية رحيل كل شيئ إلا وجه الله عز وجل شأنه.. 
وتتوالي الأسباب الكثيرة والكثيرة.. وربما الحكمة لديكَ مازالت مُبهمة حتي تلك اللحظة التي تقرأُ فيها!  
قد تداخلت فكرة الفراق والرحيل علي عقلي حتي تناست عيني ما رأته.. لقد عُدتُ مجدداً لأختلس النظراتِ عليهم، كان كُل منهم يحتسي قهوته وهو ينظر إلي رفيقه، رأيتُ في ذلك المشهد مشاعر متطايرة.. وورورد متفتحة حولنا!  والنهاية هُنا لم تكن حزينة كالعادة، بل بعثت في نفسي الأمل وأقامت جدارَ روحي بعدما هدمه الرحيلُ المُبرِح!  
قامت لتُساعِد زوجها في مشيه وتُسانده ، كانوا في غاية الجمال والروعة بارك الله لهما، ظلوا كذلك سوياً حتي اختفي أثرهم عن عيني.. 
وظللت أنا حالمة في خيالي مقتضية بهم متمسكة بروحي لأُدللُها حتي تساندني لأخرِ العمرِ .. 
ومما يستحقُ الذكرِ أن ذلك المشهَدُ كان في "المستشفي " لستُ أدري مَن منهما كان يُعينُ الأخر علي مرضه، ولكنهم هما الأثنان قد أعانوني لكي أؤمن بالنهايات المُرضية المطمئنة حتي وإن بعثت في نفسي الروعَ ! 
لا أظنه أخر لقاء مع عقلي لنتناقش في مثل تلك الموضوعات والأقدار... 

السبت، 18 يناير 2020

ضوء الساهورِ وأنا 🌚


مساء يومٍ ما.. ولكنه لم يكن كباقي الأيام، لم أكن أريد أكثرَ من الوضوح! لم أطلب الكثيرَ من الأُمنيات.. فأنا أظن أن القِلة الصادقة تكفيني وتكفيني.. 
ماذا يفعلُ إنسانُ كانت كل أمنيته فالحياة أن يكون اختيارًا أوليًا من قِبَلِ أحدهم ولم يلقي أُمنينه تلك حتي الآن؟ أكثيرُ علي الإنسان الشعور بأنه مرغوبٌ؟ 
أما بعدُ ،
صَحبتُه ذلك المساءِ إلي مقعد في الشارع الخَلفي لمكان سكنِنا.. وجلسنا عليه سوياً نتبادل النظرات التي ليس يصحبُها صوتُ ولكنها تنطِقُ بالكثير.. لم أستطع التفوه بكلمة واحدة! لقد تحدثتُ كثيرًا من قبل!  هل غيّر الكلامُ شيئاً؟ أم أنه طاقة تُبذَلُ هباءً فقط؟ كيف أشرَحُ لمُعذبي أنني أتعذب؟ 
جلسنا هكذا لمدة تتجاوز الساعتين.. لا أحد منا ينطق.. ربما كُنا لا نعلَم بماذا علينا أن ننطق؟  كنا نخشي أن يزيد الكلامُ الأمر سوءًا أكثر مما هو عليه.. جلسنا هكذا وأنا أشعر أن شيئاً ما بداخلي يتغير.. أشعُر أن قلبي لم يَعُد قلبي ، وهو.. لم يَعُد رفيقي!  أشعُرُ أن الخيطَ بيننا امتلئ بالعُقد.. فأصبح لا يُصلِحُ للوَصلِ علي أي حالٍ بل أصبح يؤلمُني ، لأول مرة في حياتي قررتُ التخلي... لأول مرة في حياتي حدثَني عقلي أنه لا فائدة من محاولاتٍ مع من لا يُحاول.. أيملُك النهرُ تغييراً لمجراهِ؟ 
 تركتُ مقعَدي وأنا أنظر إلي عينيهِ ومازلتُ عاجزة عن الكلامِ، ماذا أقولُ ؟ انفطر قلبي وشتّ عقلي ومازال لا تغيير يحدُث! وبدأتُ ابتعد شيئاً فشيئاً رُبما يكون ذلك حلّا .. متحيرة أتلك خطوات البعدِ أم خطوات الأمل في لقاء آخر تشتعِلُ فيه نيران القلبِ من جديد؟ هل يُجدي نفعًا البُعدِ الجسدي ولكن الروحُ لم تبتعد؟ أظنُها بقيت هناك.. بجانِبه علي المِقعد حتي صحبَته إلي داره ولكنه رفض اصطحابِها.. فلا بقيت معِّي ولا استقرَت عنده! ضاعت هباءً في مفترق الطُرق!  

 كنتُ أعلم جيدًا أنه آخر لِقااء.. لم أنس لحظة التخلي، كانت الأبشع شعوراً على الإطلاق! 
 ربما يعلَم الإنسان قدَره جيداً ولكنه يبدأ بالتخلي شيئاً فشيئاً حتي تكون أقصي طموحاته أن يتمسك به أحد من قلبِه حقاً.. 
 
ونعود مجددًا إلي السير مفردًا وبذلك أكونُ أنا في الأرضِ و يصحبُني الساهورُ في السماءِ فلا حاجة لي بأهلِ الأرضِ أجمعين .. ولكن هناك سؤال مازال عقلي يطرحُه ويُلِح به علّي : "هل كل من سيقعد مكاننا سيشعر بما شعرنا به في تلك اللحظة؟  أم نحن المصطفون وحدنا لنعيش أقسي لحظات الألم؟ " 🚶

#رنا_هشام 

"أَظُن حبيبي حالَ عمّا عهدتُه 
وإلا فما عُذرٌ عن الوصلِ مانِعٌ 
فقد راحَ غضْبانًا وَلي ما رأيتُهُ
تَلاتة أيامٍ وَذا اليومُ رابِعُ" 
-بهاء الدين زهير- 

السبت، 11 يناير 2020

الرفيق والطريق..

عندما كنتُ طفلة.. كنت أخشي العديدَ من الأشياءِ، لم تكن تلك الأشياء مُبهرة.. ولكن المبهر حقاً أن كل ما كُنت أخشاه قديمًا حدَث ..
فطريقي الذي رسمته بقلمي لم أسر فيه، وصديقي -الذي ظننتُه الثابت الوحيد وسط متغيراتِ هذا العالم-لم يَعُد صديقي! 
صنعتُ طريقاً جديداً لأسيره وحدي فقد خَسرتُ الرفيق والطريق.. فلماذا مازِلتُ أخشي إذاً؟  

الثلاثاء، 7 يناير 2020

كوب القهوة ☕❤

ثمّة افتقاد يحدُث.. كأنك تفتقد كوب قهوتك صباحاً، وتشتاقُ إليها وكأنك صائم عنها منذ ولدتك أمك.. فالقهوة كانت جميلة.. وكانت تُحسِن من حالَتك.. ولكنك أُجبِرتُ علي تركها.. وها أنتَ الآنَ تفتقدُها.. ولكن هل تظن أنها تفتقدُك كما تشعر أنت؟  ..
إن كنتَ تظنُ ذلك فأنت حتمًا "مجنون " القهوة ماهي إلا مجرد جماد لا يشعر.. ولن يشعر فلا تآمل بغير ذلك يا "مجنون" ! 
#كوب_القهوة☕

الأحد، 5 يناير 2020

كَم عُمرَك؟

تخيل معي أن أعمارُنا لا تُقاس بالأيام والدقائق والساعات وكل تِلك المقاييس الزمنية المتعارَف عليها .. فقد يعيشُها الإنسانُ ولكن بلا جدوي.. بلا حدثٍ هام يجعلُه يستشعِر حياتَه بينما هو يحياها.. فتُصبح الحياةُ مقضية علي أتم وجه، تجعلُنا في رحبٍ دائِم لفعل كل ما يُسعدنا.. 

تخيل معي أن عُمرك يُقاس بالضحكات!  فأسألُك كم عُمرَك فترد قائلاً : خمسة وسبعين ضحكة! 
وأسأل شخصاً آخر يقول لي : مائة ضحكة و ستين ابتسامة! 

تخيل معي أن عُمرك يُقاس بالمواقف السعيدة في حياتك.. فتحسب كم مرة عشت بها لحظة مليئة بالسعادة الغامرة التي جعلتك كالعُصفُور المحلق بلا قُيود بلا حدود.. 

تخيل معي قياس عُمرك باللحظات التي تقضيها مع رفيقِك المُفضل سواء كان أب، أخ، صديق أو حبيب.. فما أحلاها من لحظات .. فأسألُك كم عمرك؟  ترد قائلاً : مائة تسعة وتسعون لحظة مع من أحببت، أليس مقياساً جميلاً؟  أليس مقياساً مُعبِرًا؟ فأكثر الناس تتمني لحظة واحدة بجوار من أحببوا.. ولكن الحياة تبخل عليهم بها. 

علي الصعيد الآخر... 

كما تعلم أن الذكريات الموحشة تُفتِت في قلب الإنسان حتي تجعلُه حطاماً شيئاً ف شيئاً، فيصبح أقصي طموحه أن يعيش بلا ذكريات.. بلا رُفاتاً باليًا يَرُد قلبَه إلي نقطة الصفر كلما تظاهر بالقوة ! 

تخيل مَعي عُمرَك يُقاس بالمرات التي خذلَك فيها من تُحب؟ فتسألُني كم عمري، لأُعاوِد قائلة : مائة ألف مرة خُذلت فيها.. ثم من بعدها لم يتوقَف الخِذلان ولكني توقفت عن العَد!  

تخيل مَعي عُمرَك يُقاس بمقدار الدموع التي زرفتها حُزنًا علي شيء تركَك ولم تترُكه !! 
قاسية تلك، أليست كذلك ؟ 
فتسألُني يا رنا كم تظنين عمرك يبلُغ؟  فأقول لك لا أدري.. منذ وَلدتني أُمي وأنا أبكي.. وكَبرتُ لأُصبح شابةً ومازِلتُ أبكي.. كيف نُحَوِلُ تسعة عشر عامًا بمقدار الدموع.. أظنه تقريبيًا يبلغ المليار دمعة.. بل أكثر وأكثر حتي يجِف الدمع كله.. 

تخيل مَعي عُمرَك يُقاس بمقدار الأحلام التي وَلَّت مِنك مُدبرةً ! فأسألُك وتسألُني.. ونجيب بمقدار فرار أحلامنا؟ فحياتي حلم آتٍ وغيره راحل والحياة تدور وتتبدلُ الأدوار... 

يابُني العُمر ليس كيفما يقاس ولكنه كيفما يُعاش.. فكم من أُناسٍ عُمِّروا في الأرض ولكننا لم نعثر لهم علي بصمةٍ فعّالة، وهناك من هم عاشوا أياماً معدودات وفقدونا.. ولكننا لم نفقدهم.. 
وهناك من صحبناهم سنواتٍ وسنواتٍ.. ثم ألقوا كلماتِنا وجهودَنا هباءاً .. العُمر كيفَما يُعاش.. فاختر طريقاً يَرضِي خالقك ويُسعده ويُسعدك آثره حيثُ اللقاء العظيم.. "عن عُمرِه فيما أفناه" !
#رنا_هشام 





مقبرة الأحلام..

 عزيزي.. أنتَ الذي لا أعرف لك اسمًا ولا أعلم لك صفةً أُناديك بها، لذّا فأنت عزيزي فحسْب. صاحب العمرِ المقبل، ورفيق الدرب الطويل. عساك بخيرٍ ...