السبت، 18 يناير 2020

ضوء الساهورِ وأنا 🌚


مساء يومٍ ما.. ولكنه لم يكن كباقي الأيام، لم أكن أريد أكثرَ من الوضوح! لم أطلب الكثيرَ من الأُمنيات.. فأنا أظن أن القِلة الصادقة تكفيني وتكفيني.. 
ماذا يفعلُ إنسانُ كانت كل أمنيته فالحياة أن يكون اختيارًا أوليًا من قِبَلِ أحدهم ولم يلقي أُمنينه تلك حتي الآن؟ أكثيرُ علي الإنسان الشعور بأنه مرغوبٌ؟ 
أما بعدُ ،
صَحبتُه ذلك المساءِ إلي مقعد في الشارع الخَلفي لمكان سكنِنا.. وجلسنا عليه سوياً نتبادل النظرات التي ليس يصحبُها صوتُ ولكنها تنطِقُ بالكثير.. لم أستطع التفوه بكلمة واحدة! لقد تحدثتُ كثيرًا من قبل!  هل غيّر الكلامُ شيئاً؟ أم أنه طاقة تُبذَلُ هباءً فقط؟ كيف أشرَحُ لمُعذبي أنني أتعذب؟ 
جلسنا هكذا لمدة تتجاوز الساعتين.. لا أحد منا ينطق.. ربما كُنا لا نعلَم بماذا علينا أن ننطق؟  كنا نخشي أن يزيد الكلامُ الأمر سوءًا أكثر مما هو عليه.. جلسنا هكذا وأنا أشعر أن شيئاً ما بداخلي يتغير.. أشعُر أن قلبي لم يَعُد قلبي ، وهو.. لم يَعُد رفيقي!  أشعُرُ أن الخيطَ بيننا امتلئ بالعُقد.. فأصبح لا يُصلِحُ للوَصلِ علي أي حالٍ بل أصبح يؤلمُني ، لأول مرة في حياتي قررتُ التخلي... لأول مرة في حياتي حدثَني عقلي أنه لا فائدة من محاولاتٍ مع من لا يُحاول.. أيملُك النهرُ تغييراً لمجراهِ؟ 
 تركتُ مقعَدي وأنا أنظر إلي عينيهِ ومازلتُ عاجزة عن الكلامِ، ماذا أقولُ ؟ انفطر قلبي وشتّ عقلي ومازال لا تغيير يحدُث! وبدأتُ ابتعد شيئاً فشيئاً رُبما يكون ذلك حلّا .. متحيرة أتلك خطوات البعدِ أم خطوات الأمل في لقاء آخر تشتعِلُ فيه نيران القلبِ من جديد؟ هل يُجدي نفعًا البُعدِ الجسدي ولكن الروحُ لم تبتعد؟ أظنُها بقيت هناك.. بجانِبه علي المِقعد حتي صحبَته إلي داره ولكنه رفض اصطحابِها.. فلا بقيت معِّي ولا استقرَت عنده! ضاعت هباءً في مفترق الطُرق!  

 كنتُ أعلم جيدًا أنه آخر لِقااء.. لم أنس لحظة التخلي، كانت الأبشع شعوراً على الإطلاق! 
 ربما يعلَم الإنسان قدَره جيداً ولكنه يبدأ بالتخلي شيئاً فشيئاً حتي تكون أقصي طموحاته أن يتمسك به أحد من قلبِه حقاً.. 
 
ونعود مجددًا إلي السير مفردًا وبذلك أكونُ أنا في الأرضِ و يصحبُني الساهورُ في السماءِ فلا حاجة لي بأهلِ الأرضِ أجمعين .. ولكن هناك سؤال مازال عقلي يطرحُه ويُلِح به علّي : "هل كل من سيقعد مكاننا سيشعر بما شعرنا به في تلك اللحظة؟  أم نحن المصطفون وحدنا لنعيش أقسي لحظات الألم؟ " 🚶

#رنا_هشام 

"أَظُن حبيبي حالَ عمّا عهدتُه 
وإلا فما عُذرٌ عن الوصلِ مانِعٌ 
فقد راحَ غضْبانًا وَلي ما رأيتُهُ
تَلاتة أيامٍ وَذا اليومُ رابِعُ" 
-بهاء الدين زهير- 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مقبرة الأحلام..

 عزيزي.. أنتَ الذي لا أعرف لك اسمًا ولا أعلم لك صفةً أُناديك بها، لذّا فأنت عزيزي فحسْب. صاحب العمرِ المقبل، ورفيق الدرب الطويل. عساك بخيرٍ ...