الجمعة، 28 فبراير 2020

لستَ وحدَك...

اليومَ وصلني رسالة من مجهولٍ فتحتها لأجدُ فيها سؤالاً مطروحاً يُحير العقل ويجعل القلبَ ينفطر.  
سأقصه عليكم : 
[ لِمَ ؟ ] 

لم يتردد عقلي لحظةً في تحديدِ المرسل.. فحتما هو أول شخصٍ هبط علي عقلي... وحتمًا أنت أيضاً عزيزي القارئ لديكَ شخصاً متوقعاً. 
سحبتُ مقعداً وجلستُ علي مائدة الطعامِ وجررتُ ورقة وقلمًا ويداي مازالت ترتعشا من شدة الخوفِ ، ماذا سأكتُب؟  عجبتُ لنفسي كيفَ يسكنها الخوف في محادثة من كانت لا تكُف عن الحديث معه. 

بدأت لأكتب : 

[ نعم، لستَ وحدك من تنقُض العهدَ وتمشي وكأنما أعجبَكَ الفِراق. أنا أيضاً فعلتُ هذا.. وجئت كاتبة ذلك وتصاحبني دموع عيني وقد هلكني الشوقُ إلي نبرة صوتِك وحديثك المعسول، أشتقتُ لكلماتك كلها القاسية منها والحانية... فكلاهما يسكنان قلبي، عجبتُ لنفسي كيف مازالت تشتاق؟ ألم تعهدك أنها سترحل؟ لقد نقضتُ عهدي معكَ ومع نفسي أولاً... ورجعتُ طريقي وحدي أجرُ أذيال الخيبة. 
وددتُ اليومَ إخبارك أنني لدّي من القوة ما تكفي لمقاومة محاولاتِك في الفرار بعيداً ولكنني في المرة الأخيرة ماقبل الفراق وددتُ توفير تلك الطاقة وأثرتُ راحتكَ أنت... لم أرد أن أحملك أعباءً مجدداً بمجرد الرد علّى ومحادثتي، لم أرد أن تشعُر بالمعاناة ويكِلُ ساعدك وأنت تحملُ لي تلك الحروف في رسالة لا تكلفُكَ ثانية " ص ب ا ح ا ل خ ي ر " ، لم يكن يأتي الخيرَ أبداً إلا بوصولِ تلك الرسالة... لم أرد أن تندم على منحي وقتك وقلبك... لم أرد أن تشعُر بشيء يؤذيك بسببي... لم أرد أن أرحل وأترك لديك إحساسًا عابراً بالأسي مثلما تركته عندي ورحلتَ .
كل شيئ لم تفعلُه ويفعله غيرَك يؤلمني، كل شيء كنت أفعله أنا يؤلمني... أشتقتُ إلي روحي القديمة التي ذهبت راكضة ورائك بلا عودة فضاعت. 
عساني أجدُك راضي النفسِ ،سعيداً بحالِك متذكرُني ومتذكرُ كم كُنا... "أصدقاء وربما أحبة" ] 

هلكني الردُ وشعرتُ ببرودة في أناملي مجدداً فقررت الراحة لوهلة حتي أفيقَ لأرسل الرَد، ولكن بمرور الساعات شعرتُ أنني أجهلُ العنوان.. وربما يكونُ هاجر وترك مدينتنا...  وحتي لو لم يفعل فبعض الأشخاص لا تستحق الردود... جزائهم كذلك، يقفون في منتصف الطرق دائماً... نري كلامُهم ولا نعبأ... حقاً لا نعبأ ولسنا نتظاهر بذلك فقط... 


يا دموعي لا تنهمري فلا أحدَ يستحقك حقاً! 
يا قلبي كُفَ عن الارتجافِ فأنتَ بخير حقاً!  


”مازلتُ أبحث عن شيءٍ، حين ضاعَ ضيَّعني“.
– محمود درويش

الأحد، 23 فبراير 2020

الحَنينُ

لستُ أدري ماهو السببُ وراء تبدُلكَ هكذا، لستُ أدري كيف أستطعت أن تكون الشيء ونقيضه في آنٍ واحد.. 
كنتُ كثيرًا أقنِعُ نفسي بأنني سبباً في ما جرت به المقادير حتي افترقنا، وكادت نفسي تختنقُ من شعورِها بالحنين.. منذُ متي والحنين يخنِق؟  
هل يمكننا الذهاب لمن تركونا بسبب الحنين؟  هل ستشفعُ لنا أنفسنا مرةً أخرى عندما نقلِل من قدرِها؟ أم ستقسو علينا هي أيضًا؟ 
أشتقتُ إليكَ في نُسختك القديمة التي عهدتُك عليها وأما النسخة الحالية... فأنا أقنِعُ عقلي أنها ليست أنتَ ولكنها قرينك، فلعلني أريدُ صورتك في خيالي بريئة من أفعالِك. 
ألا لهذة النسخة القديمة من عودة؟ 🙂

الأربعاء، 19 فبراير 2020

نَفَس أخير..

يأتي فجأةً ليُشعرك كم هو حجم الفِراق، ليعُلِمك أنك ضعيف جداً وأن فراق من تحبهم سيجعلك تهيم بلا وجهة، سيُشعِرُك ببراعة أنكَ سواهم لاشيء.. وأن حياتك معهم كانت كل شيء..
يأتي ليأخُذ منكَ أحبتَك ولا يستأذن.. يأخُذهم إلي مكانً ماأسمى وأرقى..
وسلواكَ الوحيدة أنك ستلقاهم وتسعد برؤياهم عندما يشاء الخالِق...
إنه الموتُ يا رفيق! 
نسألُ اللّهَ حياةً صالحة حتي نلقي الأحباب 🙂♥

الاثنين، 17 فبراير 2020

عامٌ جديد يَدُقُ البابَ يا سادة!

📢 "تنبيه:هذه خاطرة من خواطري العديدة التي سطرها قلمي بلا شك ولكنها تكادُ تعتبر أول مرة أتحدث عن نفسي بشكلٍ مطلق وصريح ؛فلك كل الحقِ أن تقرأ أو لا تقرأ" 

هذه ليست تخاريفي الليلية ولكنها كلماتُ قلبي سطرُها وهو صادقاً فيها .. فتمتع يا رفيقي فهو الذي يكتُب الآنَ بعدما انفطر باكياً! ولكن الكتابة حقاً هي وسيلته الوحيدة للتسلية ورُبما للاحتفال! 

على مدارِ الأعوامِ السابقة كُنت أخشي ذلك اليوم، كُنت أخشي أن تنقلِبُ ظنوني إلي ثوابِت علّى التسليم بها، كُنت أخشي نيرانَ إحساسِ التجاهُلِ ممن أحبتهم بصدقٍ فأنا لا أُجيدُ الأشياء المُزيفة مثلهم! لا أجيدُ المناطق الرمادية؛ لأنها لا تُشبه توهجي. فعليكَ أن تضعْني في قدري الصحيح أو لا تقرب أبداً، فلا مرحباً بكَ.

ولكن كل عامٍ كانت النيرانُ تشتعل وتشتعل وتكادُ تحرقني من شدتها.. فمعظم الرسائل التي أنتظرتُها علي مدار الأعوامِ السابقة في ذلك اليوم ضلت الطريقَ ولم تصِلْ، ولا أُخفي عليكم فأنا كنتُ أعلم ذلك جيداً.. كنتُ أعلم أن كل الرسائل ستصل إلا رسالتي ستسقط من الصندوق لتضلَ طريقها أو ربما لتصل إلي شخصاً أخر ليس يُشبهُني في صفاتي وفي كياني وربما يكون لا يستحقها مثلي ،ولم يُبذل مجهود من قلبه مثلي. 

ولكن أنا الآن أشعُر بالفخر المطلَق، فأنا اليومَ تحديداً لا أنتظِرُ شيئًا أبدًا. فسنوات انتظاري لم تجلِب لي إلا الحَسرات... 
حتي ولو خابت ظنوني القديمة و تحققت آمالي البالية اليومَ ووصلني من الرسائل ما بِتُ أرجوه قديمًا فأنا بكل الفخر لا أحْفَلُ أبدًا! 
أنا لا أحْفَلُ أبداً ! 
ولن أحْفَلُ مجدداً أبداً! 😁 

وأنا الآنَ أعترِفُ لنفسي أنني كثيراً ما ظلمتها وكلفتها فوق طاقتهِا وأجبرتها علي المحاولات اليائسة كثيراً، عذراً يا نفسي ...
  أعترِفُ لكِ أيضاً أنني لستُ في المكان الذي أريده مطلقاً ولكنني علي الأقل لستُ واقفة كالصنم أُراقب الجميع ولا أتحرك، لستُ كالحِمار يحمل أسفارًا، لقد تقدمتُ كثيراً ولم أعد مكان ما كنتُ سابقاً .

والآن أعترِفُ لقلمي بفضله ، أنك نصرتني كثيراً، كتبتُ ما كتمته سنوات طويلة... وأخَذَتْكَ الشجاعة لتعرضه علي الناسِ فقبلوه فَرِحين!
 يا قلمي، لك جزيل الشكرِ أنك - بفضل خالقك - تُسطر كلماتٍ رائعة... وأعدُك يا صديقي الوحيد.. أن أناملي لن تيأس أبداً وستظل تحرِكُكَ حتي نهاية العمرِ ، حتي نصِلُ إلي غاياتِنا يا رفيقي! فكل الخسائر دون الاحتفاظ بكَ لا تُذكَر يا رفيقي، يا قلمي!❤🖋
من يدري ربما الكلمة تنشأ سطراً والسطر يُنشأ صفحة، والصفحة تنشأ كِتابًا... 📖📚

والآنَ أعترف لدائرتي المحيطة من البشر، أهلي وأصدقائي ، أنني لستُ كما تروني.. لستُ شخصاً مثالياً، لستُ الابنة المثالية، لستُ الصديقة المثالية، فشلتُ في كوني شخصاً مقرباً لأحدهم...أنا دائماً شخصاً عادياً لديهم... أنا صاحبُ الجميعِ ولكن مَن صاحبي؟ 
أعتذرُ لكوني لستُ كما تريدون، ولن أكون.😌

هذا اليوم ليس له أهمية مطلقاً فكل يومٍ يكرمني الله فيه هو يوم مولد جديد لي ولأحلامي! ولقد رزقني الله أشياءًا لم أكن أحلم بها ولا أطمَحُ إليها... فلك الشكرُ علي عظيم كرمِكَ ووعدٌ موثقٌ أنني لن ألتفِت لما يفوتني يا الله، لن أعودَ بنفسي إلي ما أبعدته بحكمتك ، فلك الحكمُ وحدك يا من جعلتَ كل شيء بقدر وأنا في أتم الرضا بقدرك .💫

إلي كل الأشياء التي أكرمتني قبل أن أدفع مقابلًا، إلي كل الأشخاص الذين جعلوني أشعرُ كم أنا شخصاً قابلاً للحُبِ .. جعلوني أشعرُ بحجم تأثيري في حياتهم.. لكم كل الشكر والإمتنان 😌♥
علي الصعيدِ الأخر.. إلي كل الأشياء التي بذلتُ فيها وقتي وقلبي معًا .. وأهانتْنِي بالتخلي...
إلي كل الأشخاص الذين جعلوني أشعرُ كم أنا شخصاً صعباً، غيرَ قابلاً للحُبِ .. ثقيلَ الكلامِ قاسي الأفعالِ ... إلي من جعلوني أشعُر أنني لا أستحقُ وقتاً وقلباً... لكم الله وكفي. 

إلي كل الأفعال السخيفة وأصحابها ، قد تروني لا أتفاعل.. ولكنني ألاحِظُ كل شيء فلا تظنُني غافلة عن شيء، فذكائي الإجتماعي مؤذيًا للغاية، وربما هي مشكلة عقلي الأبدية! 

يا عامي التاسِعة عشر، شكراً لك علي ذلك النُضج، لقد كلفني ذلك كثيراً ، لقد كلفني ذلك قلباً ودمعًا . ولكنني أظنُ أننا قد وصلنا مُبكرًا جداً 😁
وللعام الجديد آمالٌ أخري... 
وأرجو ألا ينال اليأس مني مجدداً، حتي وإن زارني فسوف أرجوه أن يرحل سريعاً.
وأرجو ألا تتحشرج كلماتي في صدري مجدداً أبداً وأن يكتب الله قبولاً واسعاً في الأرضِ والسماءِ لها ولكاتبتها الصغيرة. 😌❤

"إن كنت قد وصلت إلي هنا وأكملت قراءة خاطرتي برغم أنها لن تُضيف لك شيئاً وقد ذكرتُ هذا في البداية، فشكراً لك علي قلبِك وقتك يا رفيق وآمل من الله أن تظل قارئي حتي نهاية عُمري ولا تَمِل ♥💫💫"

وأخيراً يا قلبي، عليكَ ربط الأحزمة جيداً فنحنُ علي وشك الإقلاعِ في رحلة جديدة وفريدة لنهبط منها العام القادم إن كتب الله لنا ذلك.. 



18/2/2001
18/2/2020

أمشي ولا أحاول مرة كمان؟

كُتب علينا الاستمرار،كُتب علينا الصبرُ ،كُتِب علينا الإنتظارُ .. لعل شيئاً يتغيرُ، لعل طريقنا يُضئ، لعلنا نصِلُ إلي مجرد بداية لطريقٍ طالما حلمنا به، لعلنا نلقي ما حلمنا به يوماً.. ولعل ما يبحث عنا يلقانا بعد عناء الفِراق..
أتمني ألا تنتهي محاولاتنا وألا تضيع أعمارُنا هباءاً وألا نُستَنزَف نفسياً سُدي..
لعلنا نبقى بخير، فلنحاول مِرارًا وتكراراً ♥♠
#رنا_هشام

الأربعاء، 12 فبراير 2020

رسالة قصيرة إلي الذكريات ...

أيتُها الذكريات، لا تتسلي إلّى ليلاً لأُحاربكِ وحدي ، أنتِ لست ذكرياتي وحدي فلماذا علّى أن أُحاربكِ وحدي ؟ 
أيتُها الذكريات، اتركيني وشأني لقد مللت منكِ يا حزينة!  
#رنا_هشام

الثلاثاء، 11 فبراير 2020

حدثَ بالفعل!

رأيتهما بعيناي ولكنهما أخترقا طيات قلبي بقسوة، جعلوا مشدهما محفورًا في ذاكرتي لبضع ساعاتٍ وذلك معجزة؛ لأنني أمتلك ذاكرة مثل السمك ورُبما أقل منهم كفاءةً. كانا قادمين علّى من بعيدٍ وكانت الأُنثي عابسة الوجهِ تنهالُ دموعها كالسيلِ المنهمر، كان وجهها شديدَ الحُمرة مما جعلني أكادُ أبكي لها.كان رفيقُها يمسك بيدها بقوة؛ شعرتُ وكأنه يربُط علي قلبِها وليس يداها فقط.شعرتُ وكأنه الأمان الوحيد.. وهو يدرِكُ ذلك ويقدره جيداً. تشبُث اليدين يبعَثُ في نفسي الهدوء، حدثتني نفسي : ربما هو سبب دموعها! قلت لا بأس، ولكنه لم يتركها تبكي وتمضي وحدها!  
نظرتُ في عينيها سريعة فلمحتُ خجلاً من بكائها فصرفتُ نظري سريعاً وأكملتُ طريقي..  
ولكني وددت أن أُخبرها أنني كثيراً ما بكيتُ في الطرقاتِ ورآني المارة ولم أخجل أبدًا، كثيراً ما انفجرت دموعي لتكشف عن شيئاً ما بداخلي قد انكسر.. ولم أخجل ولم أُجبر دموعي أن تنضب. 
كم بكيتُ وحدي يا عزيزتي ولم أجد من يربُط على يدي وربما على قلبي أيضاً. 
الدموع ليست شيئاً مُخجلًا ولكنها القوة.. كل القوة!  
#رنا_هشام 

الجمعة، 7 فبراير 2020

أثر المطر..


~ هل تعلم أن للكلمات آثرُ هائِلُ علي قلبي مثل المطرُ السائِلُ علي أرضي؟ فهل لي مِنك كلمات تُهدِئُ رَوعِي وتزيلُ خوفي وتجعلُني أشعر أني مازِلتُ رفيقَتك المفضلة و خازِن أسرارِك الأمين؟ هل ستجودُ وتتكرَمُ علّي بِحقي فيك وواجِبِك نَحوي؟ هل ستتواضع كرامتُك مرةً وتترُكَك تفيضُ بكل ما بداخِلك نحوي من كلماتٍ كما فاضت السماء بما كانت تحمِلُ من مياه؟ ❤💦

~ بينما المطر يكسو الشوارعَ والبيوتَ ليطهرها، أتمني أن يكون لقلبي نصيبٌ ولا تنساه المطر كما نسيه الجميعُ... 

#رنا_هشام

الخميس، 6 فبراير 2020

عواصِفُ فبراير!

مع هبوبِ أول عاصفة في شهرنا هذا يتلعثمُ فمي وأكادُ أشعر أني أتنفسُ بصعوبة كعجوزٍ بالغة من العمرِ تسعين عاماً ورُبما أكثر. أبدأ العد التنازلي لمولِدي.. ولكنه مازال يصعُب علّى تحديدُ عمرِي بَعْد.  
فأنا تلكَ الشابة اليافعة التي تذهب هنا وهناك ولا يعكِرُ صفوها شيئ،  ترتدي حِجابها ونظارتها الطبية ولا تضع مساحيق التجميل المُزيفة وتمشي والثقة تملأها وتفيضُ . تذهَبُ لدرسِها لتتفوقُ علي الحضورِ بدون أدني مجهودٍ منها ؛ مما يجعلها مَرْنوّ إليها دائماً وربما جُعِل لها من اسمها نصيباً. تري نفسها دائماً شخصاً عادياً أو ربما أقل من ذلك ، لا تعلمُ لماذا دائماً يؤذيها البشر! فأين مردود أفعالها؟ لا تحمِلُ الضغينة لأحدٍ ولكن يحملُها لها الكثيرون. وأنا تلك المرأة العجوزُ ذات الحجاب الأزرق الذي ينسابُ ليكشف عن خُصلاتِ شعر بُني اللون يلمعُ بشدة يُذكرني بالشوكولاتة وترتدي رِداءً أسوداً طويلاً يكادُ يغطي كل بقعة في أرض الطريقِ أيضاً، تسيرُ في خطىً مُتباطئة غير منتظمة حتي تصلَ إلي السوق القريب لتقضي حاجتها بعدما رحلَ أبناؤها إلي الخارج. تذهبُ لبيتها لتطهي طعامِها ثم تضعه في الصحونِ وترصَه علي المائدة وتتخيلُ أشخاصاً وهميين ليأكلوا ويتحدثوا معها.  تعلَمُ جيداً أنها تتخيل أوهامًا ولكن هل تري هناكَ حلًا آخر؟ 
تري؟  أنا ذلك القصرُ الأبيضُ الواسع ذو الأدوار العالية الواسعة ، بهيبته المرئية يُبهر الرائي في كل مرة يراه فيها ولكنه يخاف الدخول في باطِنه. الجميعُ يخاف البحثَ في أسراره وخباياه! الجميعُ جبناء، الجميعُ يغضون الطرفِ.
وأنا ذلك الجُندي ذو الرداء الزيتوني اللون، يحمل معه قارورة ماء ليروي عطشه في الصحراء؛ لا أعلم أهذا عطشًا مادياً أو عطشًا روحياً؟ هل تُروي الماء عطشُ الروحِ؟ 
ذهبَ الجندي ليُدافِع عن فلسطين أرضُ العرب والتي ستظل أرض العربِ ! أرهقته المداعسة، يشعرُ أن قضية فلسطين قضيتُه الأولي ولابد أن يكون في الطليعة.
وأنا آسفة أتمثلُ في هذا الحِطامُ ، الذي نتج عن سقوط مبني قلبي ؛ تحطمت معه الذكرياتُ والأحلام كلها ، حتي شعرتَ أنه لم يبق لي شيء أتذكره وأبتسم. الجميعُ يروّن الحطامَ ولكن لا يقربونه ؛ يخافون من هبوبِ نسمات الذكريات والتخاريفِ عليهم؛ فتتسخُ ملابسهم . الجميعُ يتقبلني في نوري ولكن لا أحد يُحب عتمتي.الجميعُ تركوني. أعيشُ أقصي لحظاتي وحدي!  
 وأنا تلك الأُم الجميلة التي تخلَت عن أحلامِها في سبيل إحياء أحلاماً أُخري لأُناسًا أخري، أنا من يزرَع ورودًا داخل أبنائي في كلماتي حتي أري أحلامي تتحققُ فيهم ولا أشعر أني تخليتُ عن بعضِها!
 وأنا هذا الطالِبُ في تلك الكلية الأجنبية، يستيقظُ باكراً ليدرُس العديد من الموادِ ويُصارِعُهم جميعاً حتي ينتصِرُ في النهاية. فهو حتماً لا يقبَلُ الخُسارة.يتمرمغُ كل يومٍ في العديد من التجارُب والتحدياتِ حتي يصل إلي غاياته المرموقة ! ولكن كيفَ السبيل إلي ذلك؟  هل يُمكننا أن نزعم أننا في طريقِنا إلي "خراسان" ونحنُ مازلنا نسيرُ متجهين إلي أمريكا الشمالية؟
  وأنا ذلك الحبيبُ المُحطَم ؛  تركه حبيبه زاعمًا أنه أخطأ في حقه، وأنه لايُريد المكوث معه بعدما كان مأمنه وأمانه ومسكنه وسكنه! أقُلِبت الآية؟.  مازال ينتظرُ رسالة واحدة مما اعتادها قديماً، مازال يرددُ عابِثًا : 
  "أنت الحبيبُ ولكني أعوذ به 
  من أن أكون محباً غير محبوبا " 
  وأنا تلك النفسُ المنهكة، التي ضلّت الطريقِ إلي الحق، مازالت تكذِبُ علي صاحبها وتعده ألا ترجعُ إلي الخيبة مرة أخري وتعود!  
  أيتها النفسُ : كُل حالات الكذبِ مقبولة لديَّ إلا أنتِ يا نفسي، زعمتي أنكِ نسيتي ولن تحفلي مجددًا ومع أول طريق للرجوع اضطربتي وتاه رُشدك واحتار قلبك ، من أنتِ يا نفسي؟ من أنتِ يا نفسي؟ أصبحتُ لا أفهمُكِ ، أصبحتُ لا أطيقك!  
وأنا هذة الطفلةُ الصغيرةُ ، ترتدي فستانًا قصيرًا مُزهرًا وتمشِطُ شعرها الأسودَ الطويل لينسابُ علي ظهرها ؛ تحسدها عليه جميعُ الفتياتِ.  تمشي وتلهو هنا وهناكَ مع سائر الأطفالِ ثم تقعَ علي رُكبتيها لتنجرِح وتبكي بكاءً شديداً ، ككل لحظاتِها الحلوة لا تكتمل! تلك الطفلَةُ التي لا تعرِف كيف تتمكَنُ من الإمساكِ بقلمِها بشكلٍ صحيح ويُساعدها الجميعُ علي ذلك، كيفَ أصبحَت تُكمِلُ جملًا صحيحةً مُنسقة بعضُ الشيئ كالتي تقرأها الآنَ يا رفيق!
كَم كلَفها وقتاً؟ كَم كلَفها جهداً؟ كَم كلَفها عُمرًا؟  
الآنَ تحيَر عقلي وعجَزَ عن تحديدُ عُمري...  
فهل أنا الطفلة ذات الخمسة أعوام؟ 
أم أنا الجندي ذو الثلاثين عاماً؟  
أم أنا العجوز ذات التسعين عاماً؟  
أم أنا الطالِب ذو العشرين عاماً؟ 
أم أنا الأم ذات الأربعين عاماً؟  
أم أنا الشابة ذات التسعة عشر عامًا؟ 
أم أنا القصرُ... ؟ 
أم أنا الحِطامُ ... ؟
أم أنا النفسُ... ؟ 
أم أنا الحبيبُ غيرَ المحبوبِ ... ؟ 
أنا جميعُهم!  
تاهت خُطاي مُجددًا حتي نلتقي في كلماتٍ أُخري ! 
#رنا_هشام 


الأربعاء، 5 فبراير 2020

من أنتِ يا نفسي؟

كُل حالات الكذبِ مقبولة لديَّ إلا أنتِ يا نفسي، زعمتي أنكِ نسيتي ولن تحفلي مجددًا ومع أول طريق للرجوع اضطربتي وتاه رُشدك واحتار قلبك ، من أنتِ يا نفسي؟ من أنتِ يا نفسي؟  
#رنا_هشام

مقبرة الأحلام..

 عزيزي.. أنتَ الذي لا أعرف لك اسمًا ولا أعلم لك صفةً أُناديك بها، لذّا فأنت عزيزي فحسْب. صاحب العمرِ المقبل، ورفيق الدرب الطويل. عساك بخيرٍ ...