شعرتُ أنني بحاجة إلى العُزلة قليلًا، تفريغ العقلِ من كل شيء قد يؤرقه، حتى يستطيع أن يبدأ من جديدٍ، ويعود كما كان من قبل، عزمت على أن أختفي، وأُغلِق كل ما قد يربطني بالعالم. تسائلت هل بإمكاني أن أترك هاتفي وأخذ واحدًا آخر؛ لا يملك ذاكرةً ولا إنترنت، لا يملك شيئًا سوى الاتصال، وبما أنني شخص لا يجيد المحادثات التليفونية فأنا لن أحتاجه مطلقًا.
لم أفعل هذا في حقيقة الأمر، لكنني حاولت على مدار ثلاثة أيام أن أحد من تفاعلاتي مع العالم، وأعيش على وضع توفير الطاقة. هذا لا يمنع أنني أجيب بشكل سريع على الرسائل، ليس لأنني أحب هذا؛ بل لأنني اعتدته.
اليومَ أيضًا أحضرت لنفسي هدية مميزة، كتابًا.. يتحدث عن بعض الأمور النفسية، كلومِ النفس وجلد الذات، وعدم تقدير النفس.. وكثيرًا من الأمور التي أشعر بها كل يومٍ، ربما يستطيع هذا الكتاب أن يساعدني في محاولاتي للتصالح مع الحياة ونفسي أولًا وآخرًا.. قرأت فيه تساؤلًا مثيرًا حقًا، يقول الكاتب: (ما الذي يجعلنا نقف مسلوبي الإرادة أمام عادة جلد الذات دون أن نمتلك القدرة على إيقاف هذا النزيف الداخلي الدائم؟ )
استوقفني هذا السؤال لأنه مطروح في عقلي، لماذا نقف مستسلمين أمام اللوم كل ليلة؟ وأنا حقًا شغوفة لكي أجدَ إجابة ترضيني.. سواء أكانت في ذلك الكتاب أو في رحلة الحياة الواسعة..
والآن وفي النهاية.. أنا هنا، وأكتب.. لم انعزل ولم أختفي. وأواسي الجميع، وأخبرهم أننا سنمضي وسنكون ما نريد، ولكنني أقف عاجزة عن مواساة نفسي!